أخبارالصينمال واقتصاد
تحليلات اقتصادية | الصين تخوض معركة التمسُّك بالمصنّعين الأجانب
على مدار أسبوعين، أعلنت شخصيات قوية من ثلاثة من أكبر أربعة اقتصادات في العالم، أو ناقشت خططًا، لإعادة إنتاج بعض السلع خارج الصين، خاصة المعدات الطبية الحيوية والأدوية، بسبب الاعتماد المفرط على الصين المعرضة للوباء، ووجد مثل هذا الخطاب دعمًا متزايدًا بعد صدمة الإمدادات الناجمة عن إغلاق فيروس «كورونا» في الصين.
وقال المفوض التجاري بالاتحاد الأوروبي فيل هوغن إن الاتحاد سيسعى إلى تقليص تبعياتنا التجارية بعد الوباء، وفق ما أفادت بوليتيكو.
كشفت اليابان الأسبوع الماضي عن صندوق بقيمة 2.2 مليار دولار لإغراء المنتجين اليابانيين للعودة إلى البلاد أو حتى إلى جنوب شرق آسيا، طالما أنهم يغادرون الصين، استجابة لاختلالات سلسلة التوريد الناجمة عن الوباء، بالتزامن مع دعوة مدير المجلس الاقتصادي الوطني للولايات المتحدة، لاري كودلو، واشنطن على دفع التكاليف المتحركة للشركات الأميركية التي تعيد التصنيع من الصين. وفق ما نشر موقع «أس سي أم بي».
وبدأت الشركات من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا في الابتعاد عن التصنيع لبعض الوقت، بسبب ارتفاع التكاليف وتأثير الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ولكن الضغط مستمر الآن لتسريع ذلك، مع إبراز الفيروس التاجي مدى اعتماد العالم على السلع المصنوعة في الصين، وخاصة المنتجات الطبية الحيوية.
وقال لي شيون لي، كبير الاقتصاديين في شركة زونجتاي سيكيوريتيز ومستشار للحكومة الصينية «الخطاب لا يشكل تهديدًا فوريًا للصين، إلا أنه قد يمثل تحديًا خطيرًا على المدى الطويل، إن الاضطراب الذي سببه الفيروس أجبر الشركات الأجنبية على البحث عن موردين في بلدانهم، كما أن النقص في معدات الوقاية الشخصية يجعل الناس يندمون على تفريغ التصنيع في البلدان المتقدمة، سبعون في المئة من الأقنعة الواقية المستخدمة في الولايات المتحدة مصنوعة في الصين، بالإضافة إلى جزء كبير من أدويتها».
مخاوف أكبر
إن تقليل الاعتماد على الأدوية والإمدادات يغذي مخاوف أكبر بشأن القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية المتنامية للصين، وقد تم تقديم عدد كبير من مشاريع القوانين في الكونغرس الأميركي لمواجهة ذلك.
وطالب أحد الجمهوريين في الشهر الماضي من قبل السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، الجمهوري، الولايات المتحدة بتقليل اعتمادها على سلسلة التوريد من الصين، وقد اجتذب الدعم من ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين، ويعد اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الصين قضية نادرة بين الحزبين في واشنطن هذه الأيام.
وقال روبيو في بيان «بمجرد أن تتعافى أمتنا من هذه الأزمة غير المسبوقة، يجب أن نتخذ خطوات لمعالجة الضعف النظامي ومخاطر سلسلة التوريد التي كشفت عنها جائحة الفيروس التاجي، من المؤسف أن الأمر أدى إلى وباء عالمي لتوضيح تداعيات نقل قاعدتنا الصناعية إلى بلدان مثل الصين».
كما قدم السيناتور الجمهوري عن ولاية أركنساس، توم كوتون، الشهر الماضي، مشروع قانون آخر سيحظر التمويل الفدرالي للأدوية الصينية أو المكونات الصينية ويفرض قواعد صارمة بشأن وضع العلامات على بلد المنشأ.
الإمدادات الطبية
بالنسبة لسلاسل الإمدادات الطبية، سيكون من شبه المؤكد وجود خطط مدعومة من الحكومات لإعادة إنتاج السلع الحيوية إلى أوطانها، لا أحد يريد أن يلقى القبض عليه للمرة الثانية حيث تتمتع هذه السياسات بدعم شعبي حول العالم.
ولكن بالنسبة لأنواع أخرى من السلع، تثبط الشخصيات التجارية الخلط بين الحركات السياسية والحقائق الاقتصادية، لا سيما في أوقات التوترات المتزايدة.
وأظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي هذا الشهر أن 70 في المئة من المستجيبين لم يفكروا في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم خارج الصين بسبب الفيروس.
ويرغب العديد من الشركات البقاء في الصين لسوقها المحلي الذي يبلغ 1.4 مليار مستهلك، في حين وجد آخرون صعوبة في فطم أنفسهم عن قاعدة التصنيع والخدمات اللوجستية ذات المستوى العالمي التي أصبحت عليها الصين على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وأقام الكثير مصانع في مكان آخر للتصدير، لكنهم سيحتفظون بقاعدة صينية للأعمال التجارية المحلية.
وقال كير جيبس، رئيس شركة AmCham Shanghai «رأينا تصريحات لاري كودلو تعرض دفع تكاليف الشركات الأميركية للانتقال إلى الولايات المتحدة، ولا نرى ذلك مدفوعًا باحتياجات العمل الحقيقية، إن نقل شركة من الصين إلى الولايات المتحدة لا يشبه تعبئة حقيبة سفر والذهاب، إنها عملية معقدة مع الكثير من العوامل المختلفة».
من جانبه قال هايواي تانغ، أستاذ الاقتصاد بجامعة هونغ كونغ، إن نوع الحزم التي كشفت عنها اليابان ويعرضها كودلو مع التكاليف الثابتة للانتقال قد تستهدف الشركات في الصين التي تعمل على الهامش، لكنها لا تتعامل مع التكاليف المتغيرة على الأرض، مثل العمالة والأراضي التي تميل إلى أن تكون أكثر تكلفة في الاقتصادات المتقدمة.
قانون إنتاج الدفاع
يقول المحللون التجاريون إن الاستخدام الأخير لقانون إنتاج الدفاع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يجبر الشركات الأميركية على تصنيع منتجات الصحة العامة الطارئة في حالة نقص حاد في المعروض ومعظمها مستورد، يمكن أن يحفز زيادة دائمة في إنتاج بعض العناصر.