الصحة والطبسلايد 1شؤون دينيةمقالات وبحوث
“الضرورات تبيح المحظورات” تحسم معركة العلم والدين بشأن لقاحات كورونا
أعربت الكنائس في أميركا عن مخاوف أخلاقية بشأن لقاح “جونسون أند جونسون” الذي يستخدم خلايا أجنة مجهضة
في الوقت الذي يسارع فيه المسؤولون وخبراء الصحة حول العالم لتطعيم أكبر قدر ممكن من الناس للسيطرة على فيروس كورونا الذي أسفر عن وفاة ما يزيد على 2.5 مليون شخص حتى الآن، تجدد الجدل حول أخلاقيات إنتاج اللقاحات في مشهد ممتد من الصراع بين العلم والدين.
خلايا جنينية
ففي الوقت الذي علق كثيرون الآمال على لقاح “جونسون أند جونسون” ذي الجرعة الواحدة، والذي يمكن الاحتفاظ به في درجة حرارة الثلاجة العادية، ما يسهل نقله ويمنح دفعة كبيرة لجهود حماية العدد الأكبر من الناس في وقت قصير، أعربت الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية في الولايات المتحدة عن “قلق أخلاقي” حيال اللقاح بسبب استخدام خلايا مستخلصة من أجنة أُجهضت في التسعينيات، في الوقت الذي ترفض فيه الكنائس عمليات الإجهاض باعتبارها تتعارض مع الدين.
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، وما لا يقل عن 6 أبرشيات أخرى من جميع أنحاء البلاد وكنائس إنجيلية، أصدروا بيانات تعبر عن “مخاوف أخلاقية” بشأن اللقاح، وأوصوا الناس بالابتعاد عنه قدر الإمكان، على الرغم من أنهم أكدوا أن تلقيه قد يكون مسموحاً “إذا لم تتوفر البدائل”.
لقاح “جونسون أند جونسون” هو اللقاح الثالث المعتمد في الولايات المتحدة، لكن في حين استخدمت لقاحات “فايزر-بيونتيك” و”موديرنا” خطوط الخلايا المشتقة من الأجنة المُجهضة، غير أن استخدامها اقتصر على الاختبار التأكيدي لفعالية اللقاح، بينما استخدمتها “جونسون أند جونسون” في عملية الإنتاج والتطوير أيضاً. وقال جيمس لولر، خبير الأمراض المعدية في طب نبراسكا، في تعليقات لشبكة “سي أن أن”: “إن شركة جونسون أند جونسون استخدمت الخلايا الجنينية لأنها معيار صناعي مدروس جيداً لإنتاج لقاحات فيروسية آمنة وموثوق فيها”.
الشركة تنفي
وفي بيان، نفت شركة “جونسون أند جونسون” وجود خلايا جنينية في اللقاح، بينما أعربت عن فخرها لإنتاج لقاح مضاد للفيروس يساهم في إنهاء الوباء العالمي، مشيرة إلى أن اللقاح الذي يعتمد على جرعة واحدة يستخدم “ناقلات فيروسية” غير معدية مشابهة لفيروس البرد. وأضافت الشركة “نحن قادرون على تصنيع مئات الملايين من الجرعات باستخدام نظام الخطوط الخلوية المصمم لدينا ونتطلع إلى تقديم هذه الجرعات في جميع أنحاء العالم والمساعدة في تلبية الحاجة الماسة”.
واعتبرت وسائل إعلام أميركية أن البيان الجديد الصادر عن مؤتمر الأساقفة يتعارض مع مذكرة وافق عليها البابا فرنسيس، بشأن الأمر. وجاء في المذكرة الصادرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن “استخدام مثل هذه اللقاحات لا يشكل تعاوناً رسمياً مع الإجهاض الذي تستمد منه الخلايا المستخدمة في إنتاج اللقاحات”.
وقبل تصريح الاستخدام الطارئ الأميركي للقاح “جونسون أند جونسون”، قال المكتب العقائدي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية- مجمع عقيدة الإيمان- إنه “من المقبول أخلاقياً تلقي لقاحات كوفيد-19 التي استخدمت خطوط الخلايا من الأجنة المجهضة في عملية البحث والإنتاج”.
فتاوى فاصلة
وفي تقرير سابق لوكالة “أسوشييتد برس” بشأن جدل بين المجتمعات المسلمة واليهودية حول احتمال احتواء لقاحات “فايزر” و”موديرنا” على مشتقات الخنزير، قال سلمان وقار، الأمين العام لجمعية “بريتيش إسلاميك ميديكال” إنه في ظل الطلب العالمي وسلاسل التوريد الحالية والحاجة لضبط التكاليف وضمان فعالية اللقاحات، يرجح أن يستمر استخدام الجيلاتين المستخلص من الخنزير في غالبية اللقاحات لسنوات.
غير أن رئيس منظمة تزوهار الحاخامية في إسرائيل، ديفيد ستاف، أوضح “أنه وفقاً للديانة اليهودية، فإن حظر أكل لحم الخنزير أو مشتقاته، يقتصر على تناوله بشكل مباشر، أما إذا حُقن في الجسم، ولم يُتناول عن طريق الفم، فلا مانع من هذا الأمر، بخاصة في ظل وجود مخاطر على صحة الإنسان من عدم أخذ اللقاح”.
وحسمت دار الإفتاء في مصر هذا الجدل مبكراً، عندما أشار أمين عام الفتوى في مقابلة تلفزيونية في ديسمبر الماضي، إلى قاعدة “الاستحالة” في الفقة الإسلامي الموروث، قائلاً إنه عندما تتحول الخصائص الكيماوية للمكون من حالة إلى أخرى، فإنه يخرج عن حكم التحريم أو النجاسة، وهو أمر أسهم في حل كثير من المشكلات المتعلقة بكثير من الأدوية واللقاحات.
غير أنه في أنحاء أخرى من العالم العربي والإسلامي اضطرت الهيئات الدينية إلى إصدار فتاوى مخصصة تجيز تلقي لقاحات كورونا التي تحتوي بعض المواد على الرغم من أنها غير مصنفة “حلال”. ففي مطلع يناير (كانون الثاني) 2021، اضطر مجلس العلماء الإسلامي الإندونيسي لإصدار فتوى تبيح تلقي لقاح صيني مضاد لفيروس كورونا وسط جدل ديني بشأن احتمال استخدام مشتقات الخنزير في مكونات اللقاح.
وأشار المسؤولون الدينيون إلى أنه في ظل وجود أزمة صحية تهدد الحياة، يمكن استخدام الأدوية أو اللقاحات التي لا تحمل شهادات “حلال”، إذ إن هناك حاجة ماسة لتجنب الوفيات في الوقت الذي لا تتوفر فيه المنتجات الحلال. وفي عام 2018، أصدر مجلس العلماء الإندونيسي، قراراً بأن لقاحات الحصبة والحصبة الألمانية، يسمح للمسلمين بتلقيها لعدم توفر البديل لها بعد أن كانت “محرمة” بالكامل.
وفي الجزائر، أصدرت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية فتوى، في أواخر يناير الماضي، بضرورة تلقي لقاح كورونا استناداً إلى الشريعة الإسلامية التي أمرت بالتداوي. وجاءت الفتوى رداً على تشكيك رئيس نقابة الأئمة، جلول حجيمي، بمكونات اللقاح ومطالبته السلطات الصحية الجزائرية بالكشف عن تركيبة اللقاح، والتأكد من أنه لا يحتوي على مواد غير حلال.
المصدر: إندبندنت عربية